الألمان يطالبون بإصلاح التقاعد.. وسط ثقة محدودة بحكومة ميرتس على التنفيذ
الألمان يطالبون بإصلاح التقاعد.. وسط ثقة محدودة بحكومة ميرتس على التنفيذ
أظهر استطلاع رأي حديث وجود توافق واسع داخل المجتمع الألماني على ضرورة إجراء إصلاحات شاملة في نظام التقاعد، مقابل تشكك واضح في قدرة الحكومة الحالية على تنفيذ تغييرات عميقة وفعّالة، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الألمانية، اليوم الأحد.
وعكس هذا التباين فجوة بين إدراك المواطنين لحجم الأزمة الديموغرافية والمالية التي تواجه نظام التقاعد، وبين مستوى الثقة بالأدوات السياسية والتنفيذية المتاحة لدى الحكومة الاتحادية.
وسلّط الاستطلاع الضوء على ملف يُعد من أكثر القضايا حساسية في ألمانيا، في ظل شيخوخة المجتمع وتراجع عدد دافعي الاشتراكات مقارنة بعدد المتقاعدين.
أغلبية تؤيد الإصلاح
بيّن الاستطلاع الذي أجراه معهد سيفي لقياس مؤشرات الرأي، بتكليف من مجموعة فونكه الإعلامية، أن 82% من المشاركين يرون أن نظام التقاعد الوطني بحاجة إلى تغييرات جوهرية.
وقابل هذا التأييد معارضة محدودة، إذ لم يرفض الإصلاح سوى 9% فقط من المستطلَعين، ما يعكس شبه إجماع مجتمعي على أن الوضع الحالي لم يعد قابلاً للاستمرار.
وأشار الاستطلاع إلى أن هذا الموقف يتقاطع مع تصاعد المخاوف من الضغوط المالية التي ستواجهها الدولة خلال العقود المقبلة.
ثقة ضعيفة بالحكومة
كشف الاستطلاع، في المقابل، عن مستوى متدنٍ من الثقة في قدرة حكومة المستشار فريدريش ميرتس على تنفيذ إصلاح شامل في ملف التقاعد.
وأعرب 20% فقط من المشاركين عن ثقتهم في الحكومة، بينما قال 69% إنهم لا يثقون بقدرتها على إنجاز إصلاحات عميقة، في حين بقي 11% دون موقف حاسم.
وعكس هذا التشكيك انطباعاً عاماً بأن الإرادة السياسية لا ترقى إلى مستوى التحديات الديموغرافية المتسارعة.
خطوات حكومية محدودة
أقرّ الائتلاف الحاكم، الذي يضم التحالف المسيحي والحزب الاشتراكي الديمقراطي، قبل أيام حزمة إصلاحات وُصفت بالمحدودة، بعد أسابيع من النقاشات.
وصادق مجلس الوزراء الألماني أيضاً على تشكيل لجنة خاصة لدراسة تغييرات طويلة المدى، تشمل احتمال رفع سن التقاعد، وابتكار صيغ جديدة لضمان استدامة مدفوعات الشيخوخة.
وجاءت هذه الخطوات في ظل تحذيرات متكررة من أن الحلول الجزئية قد لا تكون كافية لمواجهة التحولات السكانية.
مقترحات تحظى بدعم شعبي
اقترح أستاذ الاقتصاد ينس زوديكوم فصل سن التقاعد عن العمر الزمني، وربطه بعدد سنوات الاشتراك في نظام التأمين.
وحظي هذا المقترح بتأييد 60% من المشاركين في استطلاع سيفي، ما يعكس انفتاحاً شعبياً على أفكار غير تقليدية.
وطرحت وزيرة العمل بيربل باس مقترحاً مغايراً، يقضي بإلزام الموظفين الحكوميين وأعضاء البرلمان والعاملين لحسابهم الخاص بدفع اشتراكاتهم في نظام التأمين التقاعدي الإلزامي.
ونال هذا الطرح دعماً واسعاً بلغ 81%، ما أظهر استعداداً مجتمعياً لتحمّل أعباء أكثر عدالة في تمويل النظام.
وشمل الاستطلاع نحو 5 آلاف مواطن ألماني فوق 18 عاماً، وأُجري عبر الإنترنت بين 16 و22 ديسمبر الجاري.
وأكدت نتائجه أن إصلاح نظام التقاعد بات مطلباً شعبياً ملحاً، فيما يبقى التحدي الأكبر أمام الحكومة هو استعادة الثقة، وتحويل هذا الإجماع النظري إلى سياسات قابلة للتنفيذ ومستدامة.











